المسرى.. تقرير: فؤاد عبد الله
لا يزال الإصرار على المواقف والتمسك بالآراء قائماً بين جبهتي النزاع حول شكل الحكومة القادمة في البلاد، ولكن تشبث البعض بمبدأ الاستحواذ على المناصب والقرارات داخل الحكومة والمكون، عقَّد المشهد أكثر وخلق حالة من عدم الثقة بالمقابل، وبالتالي أثرسلباً على واقع العملية السياسية في البلاد، بدليل كثرة المبادرات التي تطرح لاعادتها إلى مسارها الطبيعي ولكن دون جدوى لحد اللحظة.
معترك خطير
الباحث في الشأن السياسي قاسم العسكري يقول لـ( المسرى) إن ” العراق يمر اليوم بمعترك سياسي خطير على جميع الأصعدة، سياسياً و اقتصادياً وامنياً، وما انتجته الانتخابات من ضبابية في العملية السياسية وعدم وجود رؤية حقيقة لشكل الحكومة المقبلة وخاصة بعد المصادقة على نتائجها وما رافقها من إعلان تحالفات سياسية ( التحالف الثلاثي) تطالب بتشكيل حكومة وفق مبدأ الأغلبية، وأخرى (الاطار التنسيقي) تطالب بالتوافقية السياسية وفق معيار معين وخطوط حمراء لا تتعداها القوى السياسية و الحكومة وكذلك المواطنين إلى جانب محاربة الفساد والقضاء عليه”، موضحاً أن ” المطالبين بفكرة الأغلبية السياسية أرادوا كما يقولون تنفيذها بشرطها وشروطها ( النصف زائد واحد) لتشكيل الحكومة، يقابلها تشكيل حكومة معارضة ( حكومة ظل) نيابية تقوم بتصحيح ما صدر من حكومة الأغلبية التنفيذية”.
انعدام الرؤية
وأشار العسكري إلى أن ” انعدام الرؤية الحقيقية ما بين القوى السياسية حول ما يريده المواطن العراقي منهم ويسعى إليه ، لأن المواطن أدلى بصوته في الانتخابات، واليوم جاء الدور على تلك الأحزاب والقوى السياسية الفائزة في تلك الانتخابات أن ترد الجميل لهم وتقدم ابسط ما يحتاجونه، علماً أن المواطن كان يريد أن يغير جميع الطبقة السياسية الموجودة من خلال صناديق الاقتراع”، مبيناً أن ” عزوف المواطنين عن التصويت في الانتخابات الأخيرة التي كانت يجب أن تصل نسبتها من 75 – 85% من أجل ذلك التغيير الحقيقي بسبب عدم ثقتهم بالعملية السياسية حال دون إحداث التغيير الجذري داخل الطبقة السياسية، لأنه بصراحة لا يمكن قلب الطاولة على السياسيين والأحزاب الحاكمة والمستفيدين منذ 2003 بنسبة مشاركة 21% “، معرباً عن أمله بأن تكون هناك مبادرات سياسية حقيقية من قبل الاطار التنسيقي والتيار الصدري لإخراج البلاد من هذا النفق السياسي المظلم”.
مشهد رمادي
ومن جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي غازي اللامي لـ( المسرى) إن ” كل المؤشرات تدل على أن المشهد السياسي العراقي غير واضح المعالم وضبابي ورمادي اللون، وذلك بسبب كثرة المبادرات التي تطرح ولا تجدي نفعاً، وبالتالي الجبهتين أو التحالفين المتصارعين دخلا اليوم في حرب المبادرات التي قد تكون لعبة تساهم في تمديد الوقت، وكما يعرف الجميع أن العملية السياسية في البلاد قائمة على تمديد وقتل الوقت، عسى أن تحدث مفاجئة تعمل على حسم هذا الموضوع”، لافتاً إلى أن ” المواطن لا يعرف اليوم ماذا يريد الساسة من هذا التأخير في المشهد السياسي والاستثمار فيه، وبالتالي أصبح الشارع متشائماً من هذه المعطيات، خلق فيه نوعاً من عدم الثقة بالقوى السياسية التي عطلت وقزمت المشهد السياسي من خلال العمل على قتل روح المبادرات فيما بينها”.
الفرسان الشجعان
وأوضح اللامي أن ” المواطن كان يأمل من هؤلاء السياسيين أن يكونوا من الفرسان الشجعان ويتنازلوا عن الأنا الضيقة والمصلحة الحزبية الخاصة، ويعملوا من أجل المصلحة العليا للبلاد التي كانوا سابقاً يصدحون بها لا حديث وشغل شاغل لهم سوى المصلحة العليا وانهم جاؤوا لخدمة الوطن والمواطن، ولكن اليوم الكل يتمنى أن يكونوا على قدر تلك المسؤولية لحسم هذا الملف”، منوهاً أن ” الشارع اليوم لا يثق بكل تلك الطروحات السياسية، وإنما يريد تشكيل حكومة تقدم له الخدمات لكي تعمل على إنقاذ ما تبقى من هذا الوضع المتأزم لدى العراقيين وبالتالي البحث عن المخرجات”.
المصلحة العليا
ويعتبر إنهاء حالة الانسداد السياسي التي تمر بها البلاد متمثلة باختيار رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة مصلحة وطنية عليا لكل القوى والأحزاب السياسية دون استثناء، خصوصاً وأن العراق يمر بتحديات سياسية واقتصادية واجتماعية وامنية كبيرة، تستدعي وجود حكومة قادرة على ادارة الملفات الصعبة.