إيمان الشافعي
عضو اتحاد كتاب مصر- خاص بالمسرى
كلنا نمر بالمشكلات المتواترة وهكذا خلقت الدنيا مجموعة من الصعوبات علينا أن نواجهها..ولكن بيت القصيد هنا كيف يتم ذلك ولماذا تزيد وتطول محنة البعض لسنوات بينما يتجاوز الآخر ذات المحنة بسرعة ومرونةأكبر؟!
وهنا تلعب الثقافة دورها،وربما يستغرب البعض وما دخل الثقافة بحل المشكلات؟! ،الثقافة هنا لا يمكنها إيجاد الحل الذي يعتمد بالأساس على خبراتك التراكمية ومدى تفهمك للحياة وأدواتك المتاحة ونجاعة استخدامها،إنما دور ثقافتك ينحصر في تلك المرحلة في منحك الإشارة للعبور واستخدام كل طاقتك فيما يسمى بثقافة الاجتياز..فيما تنتهج ثقافة البعض تكنيك الولولة التي أشرت إليها في بداية المقال، وهي :استدراك الماضي والتشدق به والمضي للخلف وجلد الذات وإشعال النار في تداعيات الأحداث وإرهصاتها التي لا نستفيد منها إلا الاستخلاص.. فكل ما يلزمنا من تجاربنا السابقة وإخفاقاتنا هو الدروس المستفادة..ولكن الجهل هنا نجده جليا في تلك الصورة التي تكرر ذاتها منذ كانت (المعددة) تاريخيا هي: تلك المرأة التي من شأنها أن تذكر محاسن المتوفي لتستثير شجون أهله بل وتزيد الأمر سوء إن وجدت فيهم من تتمالك نفسها دون عويل فتزيد الجرعة بمزيد من الاستعطاف حتى تثار الضحية وتستسلم لنوبة من البكاء والحزن الشديد يصل للاكتئاب، هذا هو الهدف الذي تصبو إليه ولو اعتقد البعض أن هذا التكنيك يقتصر فقط على الماضي السحيق المربوط بشخص المعددة فأقول له :أنت واهم. فهذا الإرث القديم والموروث الثقافي متجذر في وجداننا ونابع من صفة بشرية توجد لدينا بنسب وهي” جلد الذات”، وهناك أشخاص بيننا يتفننون في نقل هذا الشعور للآخرين حتى يستنزفوا أرواحهم،
وبهذا يشعرون بالرضا والارتياح، وبالرغم من أن هذا يبدو لا إنسانيا حينما حللته لكم
بهذه الطريقة،لكن من يمارسه لا يشعر بأي غضاضة في ذلك!وقد لا تشعر أنت بفداحة ما أقول!!
حتى وهو يمارس ضدك،لأنك تعتبر الأمر عادي فيما أهدر عمر أفراد ودول في هذا التكنيك اللامرئي.
مثال..رسبت في الاختبار.. ارتكبت حادثة..فشلت في قصة حب..سافرت وعدت خالي الوفاض..أقرضت أحدهم ورفض رد دينك..بدلا من معالجة أي من تلك المشاكل أغرقك في نوبة من تأنيب الذات وأعدد لك خصالك السيئة وأؤكد لك أن تلك الصفات هي التي أودت بك لهذا المصير،وبدلا من أن أدفعك للتجاوز والعمل والتفكير في الحلول والبدائل وإعادة الثقة في قدراتك، أقوم بهزيمتك داخليا لأعود بك إلى ما هو خلف هزيمتك، فأقعدك بلا حراك،كارها لذاتك كافرا بقدراتك وأحصرك في الماضي الأليم.. هذا التكنيك الناجع لتحطيم الذات للأسف يتبعه آباء في حق أبناءهم وأزواج وزوجات وأخوة وغيرهم ممن نوليهم ثقة كاملة، ودون قصد يهزموننا هزيمة كاملة،لذلك فتلك الثقافة المجتمعية القاتلة التي تعود إلى الموروث والتي تجذرت في اللاوعي الجمعي دون إدراك، آن الأوان أن نشير إليها بقوة بداخلنا ونمحوها بوعي
، وهناك أيضا شعوب تفعل ذلك بذاتها بشكل جمعي، كتلك الشعوب التي تتشدق بحضارتها وماضيها، وتجلس تمطي شفتها حسرة عليه دون رغبة ووعي حقيقي بالبناء على ما هو قائم وواقعي لتحقيق نهضة تدفع بنا خطوة للمستقبل..لكل من يريد أن يصبح ناجحا عليه بأن يسير للأمام برأس لا يعرف الاستدارة للخلف ويتعلم سياسة التجاوز ويقتل صوت المعددة المتصاعد من باطنه أو باطن من حوله دون وعي أو بإرادة كاملة للرجوع للخلف بل والتعثر فيه حد التورط.