أكد وزير الخارجية فؤاد حسين خلال كلمة العراق في جلسة مجلس الأمن الطارئة التي عقدت خصيصا لبحث التعديات التركية على البلاد جراء قصفها المتواصل وتواجدها العسكري ضمن حدود السيادة العراقية.
وقال حسين في الكلمة” السيد رئيس مجلس الأمن المحترم.. السادة أعضاء مجلس الأمن المحترمون. السادة الحضور، تحية طيبة، انه لشرف كبير ان اكون في هذا المجلس، لأخاطب اعضائه بتقديم الشكر والامتنان لعقد هذه الجلسة الطارئة.”
واضاف حسين ” أود الترحيب بإحاطة الممثلة الخاصة للأمين العام في العراق، رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) السيدة جينين هينيس بلاسخارت، بشأن موضوع الجلسة الطارئة للمجلس. حيث تعرب حكومة جمهورية العراق عن ترحيبها بالبيان الذي صدّر عن المجلس يوم الاثنين الموافق 25 تموز لتنديد بهذا الاعتداء الصارخ.”
وعبر حسين عن ادانة العراق بأشد العبارات العدوان الصارخ الذي ارتكبه الجيش التركي بحق الأبرياء المدنيين، والممتلكات المدنية، والذي يُشكل عدوانا عسكريا على سيادة العراق وأمنه وسلامة أراضيه، وإخلالاً وتهديدا للسلم والأمن الإقليمي والدولي، ويُعدُ خرقاً لأحكام قواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي ومبادئ حُسن الجوار، وانتهاكاً لمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة والأهداف التي قامت من أجلها المنظمة.
وتابع ” إثر الهجوم العسكري على الأراضي العراقية، تم تشكيل لجنة وطنية من قبل الحكومة العراقية برئاستنا للتحقيق في ظروف هذا الاعتداء، والتي جمعت الأدلة من موقع الاعتداء تضمنت شظايا مقذوفات المدفعية الثقيلة من عيار 155 ملم والتي يستخدمها الجيش التركي في المنطقة المحيطة بالمصيف. وستقوم هذه اللجنة ايضاً بمهام وضع الخطوط العامة لإدارة هذه الازمة.
وندد حسين امام المجتمع الدولي من جديد بالتواجد غير الشرعي للقوات العسكرية التركية في الأراضي العراقية، ونحذر من استمرار السلوك العدواني للجيش التركي الذي قد يدفع الأمور الى ما لا يحمد عقباه، وسط حالة من الغضب الشعبي العارم الذي يجتاح العراق من الجنوب الى الشمال في كوردستان العراق، كما نجدد شجبنا لقرار البرلمان التركي الذي اتخذه في تشرين الأول 2021 لتمديد تخويل وجود قواته في العراق لمدة سنتين، ونؤكد على ان هذا النهج لن يسبب الا فقدان الامن للجميع.
واوضح ” تؤكد حكومة العراق على تمسكها بنهج يدعو الى حل الخلافات المتراكمة عبر القنوات الدبلوماسية والحوار وبناء المصالح والتعاون المشترك، وعلى هذا الأساس ندعو المجلس بموجب المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة الى ممارسة مسؤولياته في صيانة السلم والأمن الدوليين، من خلال إصدار قرار عاجل يُلزم تركيا بسحب قواتها العسكرية المحتلة من كامل الأراضي العراقية، بإشراف كامل من المجلس، وتحميلها تبعات رفض ذلك، لإنهاء معاناة الشعب العراقي من الاعتداءات التركية المستمرة على أجواء وأراضي وسيادة العراق.
وطالب حسين خلال كلمة العراق المجلس بإضافة بند الحالة بين العراق وتركيا على أجندة أعمال مجلس الأمن، نظراً لتكرار الخروقات التركية للأراضي والأجواء العراقية منذ سنوات عدة التي تسبب وقوع مستمر من الضحايا المدنيين العراقيين العزل، وتوسيع عدد ومساحة تواجدها العسكري غير الشرعي على الأراضي العراقية.
وتابع ” سنسمع بلا شك من الجانب التركي اليوم ولاحقاً، مسوّغات غير قانونية عدة بشأن تواجد قوات بلاده العسكرية داخل الأراضي العراقية، مُتذرعاً بحجج لا أساس لها، مرتبطة بمشكلة داخلية تركية متصلة بحزب العمال الكوردستاني التركي، ومزاعم وجود اتفاق مع العراق تسمح بالتواجد العسكري التركي داخل الأراضي العراقية لمعالجة هذه المشكلة التركية، وسيكرر كذلك استخدامه غير القانوني للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة في تبرير تصرفات بلاده في انتهاك السيادة العراقية، التي تستوجب هذه المادة ذاتها، ان تُعلّم تركيا مجلس الامن بما تقوم به من خروقات عسكرية داخل الأراضي العراقية، وهو الشيء الذي لا تقوم به، وبالتالي لا تُنفذ المادة التي تستعين بها بل تخرق ميثاق الأمم المتحدة.”
واوضح أنه ” بسبب هذا الوضع، نؤكد امام المجتمع الدولي اجمع ومن خلال المجلس الموقر، بعدم وجود أي أتفاق أمني بين العراق وتركيا بشأن السماح للقوات التركية التوغل داخل الأراضي العراقية لمطاردة حزب العمال الكوردستاني التركي (PKK)، مقابل إصرار تركيا على وجود هكذا نوع من الاتفاق، كما نذكر بان الجانب التركي هو المتسبب بهذه الأزمة من الأساس، من خلال مبادرة أنقرة مع حزب العمال الكوردستاني التركي (PKK) عام 2013، المتضمنة في إحدى فقراتها مطالبة مسلحي الحزب بالانسحاب من تركيا الى داخل الأراضي العراقية متجاهلين بشكل كامل مشاغلنا الأمنية وحقنا السيادي على أراضينا. وأكدت الحكومة العراقية ان هذا الاجراء يُشكل تهديدا للأمن والسلم في العراق والمنطقة وتم إحاطة المجلس بذلك برسالة موجهة من وزير خارجية العراق الأسبق الى رئيس مجلس الأمن في آيار 2013، وتوثيقها لاحقاً كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن، وطالبنا المجلس الوقوف بوجه مثل هذه التصرفات.
وكشف حسين في كلمته رفض حكومة العراق نهج تركيا في تصدير مشاكلها الداخلية الى العراق وأن لا تكون تسوية مشاكلها على حساب العراق. وفي الوقت ذاته، تؤكد حكومة بلادي بأن السلطات الأمنية الاتحادية التي من مهامها حفظ أمن الحدود تنسق مع السلطات الأمنية وقوات البيشمركة في حكومة إقليم كوردستان العراق لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة التنظيمات المسلحة والارهابية، حيث ان الدستور العراقي يشير في المادة 7 ثانيا بان تلتزم الدولة محاربة الإرهاب بجميع اشكاله، وتعمل على حماية أراضيها من ان تكون مقراً أو ممراً أو ساحة لنشاطه.
واستدرك ان ” العراق يطرح هذه القضية أمام مجلس الأمن لأهميتها القصوى، ولأيماننا الراسخ بمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد على التزامنا المشترك “بممارسة التسامح والعيش معاً في سلام وحسن الجوار” وكذلك “أن نوحد قوانا لصون السلم والأمن الدوليين”. وإن أملنا أن يدرك مجلس الأمن مدى خطورة الموقف وأن يضطلع بمسؤوليته لصون السلم والأمن الدوليين، وللتعبير عن إرادة العراق السياسية الصادقة وحسن النوايا نطلب من مجلس الأمن تشكيل فريق دولي مستقل للتحقيق في هذا العمل العدواني.
واوجز حسين امام مجلس الامن مطالب العراق كما يلي:
1/ اصدار قرار يلزم تركيا بسحب قواتها العسكرية من كامل الاراضي العراقية، حيث ان تواجد هذه القوات غير شرعي ولم يكن بطلب من الحكومة العراقية، وليس هناك اي اتفاق او اتفاقية عسكرية أو امنية بهذا الخصوص، وان تواجدها سيؤدي الى زعزعة الوضع الامني وخلق حالة عدم الاستقرار.
2/ توجيه إدانة قوية تجاه هذا العدوان، والعمل على ضمان مساءلة مرتكبي هذا الفعل الشنيع الذي استهدف المدنيين، بوصفه تهديدا للأمن القومي العراقي، وللسلم والأمن الإقليمي والدولي، عبر تشكيل فريق دولي مستقل للتحقيق في هذا العمل العدواني.
3/ نطالب ادراج بند الحالة بين العراق وتركيا على أجندة اعمال مجلس الامن، نظرا لتكرار الخروقات التركية للأراضي والاجواء العراقية منذ سنوات عدة، والتي تسبب بوقوع ضحايا من العراقيين العزل.
4/ إلزام الحكومة التركية بدفع التعويضات الناجمة عن الخسائر التي لحقت بالمدنيين العُزل، وما نجم عنه من توقف نشاطات اقتصادية وسياحية نتيجة هذا القصف المدفعي التركي.
وختم حسين كلمة العراق بالقول ” إن شعب العراق يتابع مداولات هذه الجلسة اليوم باهتمام شديد وآمال كبيرة، وينظر إلى الأمم المتحدة، وإلى هذا المجلس الموقر، باعتبارهما ضامنيْن للسلام والامن الدوليين، وهو على ثقة ان هذا المجلس سيعمل بكل جهد واخلاص لحماية السلام والحفاظ عليه، والاهتمام بجدية كبيرة عند تعرض حقوق الدول للتهديد. ويتطلع لدور حاسم وفاعل للمجلس في ايجاد الحلول اللازمة ومنع أي تداعيات مستقبلية لهذه الازمة.وتأكيد حكومة جمهورية العراق بأنها تعمل جاهدة على المساهمة الإيجابية في حل النزاعات في المنطقة وتوسيع مساحات التفاهم بين دول الجوار عبر الوسائل السلمية، وترفض رفضاً قاطعا تحويل العراق الى مسرح لتنفيذ أجندات ومصالح الدول.