العراق في دوامة الأزمات
كاروان يارويس*
إن صراع القوى في العراق ليس صراعا ديمقراطيا، لتتمكن الانتخابات المبكرة من معالجة الانسداد السياسي.
لا تريد القوى الانتخابات كحل ديمقراطي، بل تستغل الانتخابات لمصالحها.
تريد القوى الانتخابات وفقا للقانون، والطريقة، والتوقيت الذي يناسبها، فالبيئة الاجتماعية والسياسية في العراق ليست مثل فرنسا والسويد لتجرى عمليتين انتخابيتين في عام واحد وتكون عملية سهلة.
السؤال هنا هو لم تعاد الانتخابات، وهل المشكلة هي البرلمان أم هي صراع القوى وهي لا تتفق وتريد أن تلقي المسؤولية على البرلمان؟
ألن يتصادم أنصار التيار الصدري و الإطار التنسيقي والقوى السياسية الأخرى إذا دخلوا الحملات الانتخابية بهذا التشنج وفي هذه الأجواء؟ وهل سيقبل أنصار طرف بالنتائج إذا لم تعجبهم؟ ما هو الضمان بأن المتظاهرين لن يتم إرسالهم إلى المفوضية الانتخابية ولن يحرقوا الصناديق؟
القوى العراقية هذه لديها خلافات عميقة، مذهبية، وسياسية، وشخصية، وحرب على المصالح، ولديها قوات مسلحة، فهل بإمكان الانتخابات أن تعالج كل هذه الخلافات؟
لقد كسروا هيبة البرلمان متقصدين، وتجري أفعال في مبناه، لا يمكن أن تجري ليس في مؤسسة وطنية مثل البرلمان بل في أي دائرة رسمية أخرى، فهذه المؤسسات هي ملك للشعب والوطن ولا يمكن أن تنتهك بهذا الشكل تحت أي عذر.
وما الحل الآن؟
لقد تحول التيار الصدري من تغيير النظام والدستور إلى إجراء انتخابات مبكرة، ولا يعرف بماذا سيطالب مستقبلا، والإطار التنسيقي كذلك لا يريد الرضوخ لضغوط التيار الصدري.
إن الانتخابات المبكرة فضلا عن هدر مبلغ 415 مليار دينار الذي سيخصص لإجراء العملية، تؤدي إلى إنفاق القوى السياسية والمرشحين أكثر من ذلك المبلغ في الحملات الانتخابية، وفي الوقت ذاته فإنه إذا أجريت الانتخابات وسط هذا التوتر فستتعمق المشكلات داخل البيت الشيعي، وسينقسم السنة أكثر، ولن يستطيع الكورد من جمع نفسهم إن لم تعالج المشكلات بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي.
سيستغرق هذا الجدل كثيرا، والحوار هو أفضل خيار، وذلك عبر وساطة طرف ثالث، وهو بعثة الأمم المتحدة أو إيران أو أمريكا، فيتم إعداد مشروع إصلاحي يراعى فيه مطالب وشروط سماحة السيد الصدر وتشكل حكومة جديدة تتمتع بإجماع وطني وبإمكانها تنفيذ مشروع الإصلاح، وتحول الواردات الكبيرة التي يجنيها العراق جراء ارتفاع أسعار النفط إلى خدمة الشعب وإنعاش معيشة الناس والقطاعات الرئيسية في العراق.
تحتاج القوى السياسية العراقية إلى وقت حتى تهدأ بمرور الأيام الخلافات والتوترات ويعود نوع من الثقة إلى القوى السياسية فيما بينها وفيما بينها وبين الناس، على أمل أن يصبح خيار الحوار واحترام الأسس الدستورية والمؤسسات الوطنية أساسا لبدء حوار وطني جدي تصب نتيجته في صالح العراق وشعبه.
*عضو مجلس النواب العراقي