المسرى .
علي الحياني ..
بعد انتهاء الحرب التي قادتها القوات الأمنية وبمشاركة البيشمركة والحشد وبمساعدة التحالف الدولي على تنظيم داعش وما رافقها من خسائر مالية كبيرة تمثلت بتدمير /4/ محافظاتٍ بالكامل مع اضطرار البلاد لشراء الأسلحة من مختلف الدول وأغلبها كان بنظام الدفع الآجل نتيجة للعجز والتقشف المالي، بات العراق مثقلاً بالديون.
ولعل الدمار وأعداد ضحايا الحرب ونزوح الآلاف من المواطنين، إضافةً إلى عدم استقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال الفترة الماضية، يُجبر العراق على زيادة نسبة القروض المالية من مختلف الجهات لتغطية نسبة العجز في الموازنة، وهكذا فإن العجز المزمن يولدُ الديون الضخمة.
أزمة كورونا زادت حجم الديون
وفي مطلع عام 2020، هبط النفط إلى أدنى مستوياته بعد ظهور فيروس كورونا وانتشاره في جميع بلدان العالم، الأمر الذي اضطر العراق للاقتراض داخلياً وخارجياً، لتغطية رواتب الموظفين والانفاق الحكومي على مشاريع الطاقة والخدمات، مازاد الديون مجدداً.
صدام..الورطة الأكبر
يرى مختصون في مجال الاقتصاد أن، العراق يعيش أزمة مالية خانقة منذ عام 2014 والى الآن بسبب تراجع أسعار النفط عالمياً، إضافة إلى الحرب الشرسة التي يخوضها ضد تنظيم داعش والتي تستنزف معظم موازنات البلاد المالية، لهذا دخل الاقتصاد العراقي في ركودٍ عميق وتضخم في البطالة.
وبحسب وسائل إعلام فأن الديون التي في ذمة الحكومات العراقية المتعاقبة، تصنف إلى أربعة أقسام، الأولى ديون ما يُعرف بـ”دول نادي باريس”، والثاني ديون دول غير الأعضاء في نادي باريس والثالث ديون الدائنين التجاريين، والرابع ديون مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى عقود المستشارين المحاسبين والقانونيين.
وتعتبر ديون نادي باريس في ذمة نظام صدام حسين، بعد اضطر للاقتراض، نتيجة للحرب مع إيران واحتلال الكويت.
حجم الديون
يقول المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح إن، الديون” السيادية المترتبة بذمة العراق هي لـ65 دولة، منها 19 دولة ضمن نادي باريس و46 دولة خارجه ، مبيناً في حديث صحافي أن “الديون الداخلية والخارجية بلغت 113 مليار دولار، تشمل 40 مليار دولار ديوناً معلقة منذ تسعينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى تراكم الديون بسبب الحرب ضد تنظيم داعش”.
ويضيف صالح أن “للحكومة العراقية مجموعة ديون داخلية تبلغ 50 مليار دولار فضلاً عن ديون معلقة لـ8 دول، منها إيران والسعودية وقطر والإمارات والكويت، وتبلغ 40 مليار دولار”.
وأشار إلى أن “هذه الدول لم تشطب ديونها بعد، رغم أنها خاضعة لنادي باريس، وهناك 23 مليار دولار واجبة الدفع إلى صناديق تنموية”.
التعويضات المطلوب دفعها للكويت
وفي 1991، تشكلت لجنة أممية للتعويضات، الزمت العراق بدفع 52مليار دولار كتعويضات للأفراد والشركات والمنظمات الحكومية وغيرها، ممن تعرض لخسائر ناجمة مباشرة نتيجة احتلال الكويت من قبل نظام صدام حسين.
يتهم الكاتب والمحلل السياسي، أحمد الخضر، ما أسماها بـ”إرادات إقليمية ودولية” هدفها إبقاء الوضع الاقتصادي متردياً في العراق، وتمنع تطوره، ويؤكد في حديثه للمسرى
خطرٌ لـ 60 سنة قادمة
الخبيرة في المجال الاقتصادي سلام سميسم تشير إلى أن، القروض التي على العراق ستكون لها آثاراً اقتصادية على البلد لمدة 60 سنة قادمة.
سميسم أوضحت في تصريحات صحافية تابعها المسرى أن “هذه القضية تجعل التنمية الاقتصادية في العراق مرهونة في الديون، وإن ما يمكن تحقيقه من عملية التراكم الرأسمالي سيذهب للسداد وكلفتها من الفوائد العالية”.
الاستناد كلياً على النفط
وأضافت أن تعاظم هذا الملف، جاء بسبب سوء السياسة الاقتصادية والإدارة غير العملية. والقضية تراكمية منذ بدء الحكومة طلب القروض وكان الأجدر بها إتباع سياسة عقلانية، خاصة الحكومات المتعاقبة ماتزال تعتمد على الاقتصاد الريعي الذي يستند كلياً على النفط وعلى العراق أن يجد بدائل أخرى تُغني اقتصاده.
عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان السابق ندى شاكر جودت تؤكد في حديثها للمسرى أنه، نتيجة للسياسة الخاطئة للحكومات المختلفة فأن، العراق اضطر للاقتراض نتيجة أزمة كورونا.
خشان للمسرى: الديون بوابة للفساد
المرشح الفائز في الانتخابات عن محافظة المثنى باسم خشان وصف ديون العراق بأنها بوابة للفساد وهدر المال العام.لافتاً في حديثه لـ (المسرى) أن “الديون وسيلة لمضاعفة السرقات والصفقات المشبوهة التي عقدتها الحكومات السابقة، من دون محاسبة”.
وتابع أن “العراق بإمكانه تعويض تلك الديون عبر استحصال الأموال المنهوية والمودعة في البنوك الداخلية والخارجية، بسبب الفساد وهدر المال العام”.
ملف يعطل التنمية
السؤال هل ستستطيع الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني من إيجاد الحل السريع لهذا الملف الشائك، الذي يرهن اقتصاد البلد ويعطل عملية التنمية، في ظل الأرقام الهائلة لحجم الديون والفوائد.