المسرى .. متابعات
تلقي عمليات احتيال عبر تذاكر السفر الوهمية لشراء الدولار من البنك المركزي بسعره الرسمي، الضوء على سلبيات هذه الخطوة.
ويرى متخصصون بالاقتصاد أن من شأن هذه الخطوة أن تؤدي إلى وصول البلد لـ”تعويم العملة”، وهي أخطر مرحلة اقتصادية، مؤكدين في الوقت ذاته أن بيع الدولار للمواطنين بشكل مباشر سيترك آثارا خطيرة مستقبلا، واصفين ما يجري بـ”التخدير” وليس الحل.
ويقول الخبير الاقتصادي ملاذ الأمين، خلال حديث صحفي تابعه المسرى ، الخميس ، إن “عملية شراء الدولار من قبل مواطنين أو شركات سفر بحسب ما مخصص من البنك المركزي لكل مسافر، ستؤدي إلى سحب العملة الصعبة وبالتالي يرتفع سعرها لقلة وجودها وفق العرض والطلب”.
ويضيف الأمين ، أن “سحب العملة سيؤدي إلى تقليل الدولار بالسوق وبالتالي سيترك هذا الإجراء آثاراً على أسعار المواد المستوردة وترتفع قيمتها المادية”.
ويشير الأمين إلى “عدم إمكانية تطبيق التعويم في العراق الآن، كونه يتطلب سيطرة من الدولة على سعر الدولار والسوق”.
وحذرت هيئة السياحة التابعة لوزارة الثقافة، شركات السفر والسياحة كافة من إصدار تذاكر سفر غير صحيحة أو قابلة إلى الإلغاء، وأكدت في كتاب لها أن مواطنين يقومون بإصدار تذاكر سفر غير صحيحة أو قابلة إلى الإلغاء لتسلم المبلغ المخصص للمسافر من الدولار، وهذا نشاط يضر بالاقتصاد الوطني ويقوض من جهود البنك المركزي بضمان استقرار أسعار الصرف.
وقبل شهرين، ومع بداية ارتفاع سعر الدولار، عقد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني لقاءً طارئا مع محافظ البنك المركزي، حيث وجه السوداني باتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير العملة الأجنبية في السوق المحلية، وعقب اللقاء في حينها، أصدر البنك المركزي قرارا بزيادة سقف المبيعات للمسافرين والموظف الموفد إلى 5 آلاف دولار في الشهر بعد أن كانت 3 آلاف دولار، وأعلن استعداده لتلبية احتياجات المواطنين من العملات الأجنبية.
ويؤكد الخبير الاقتصادي ضياء المحسن، خلال حديث صحفي تابعه المسرى ، أن “إجراء البنك المركزي في الأساس فيه نوع من التلاعب، لأن تذكرة السفر قد لا تزيد عن 300 دولار، وإذا سحب المواطن مثلا 10 آلاف دولار وكانت تذكرته بـ300 دولار فإن الفارق كبير جداً”.
ويضيف أن “عملية شراء العملة بسعر أعلى، سيترك أثره السلبي على العملة الوطنية وعلى الاقتصاد الداخلي، لأن ذلك سيتسبب برفع معدل أسعار السلع إلى أعلى مدى، ولن تبقى قيمة العملة الوطنية على حالها، ما قد يضطر البنك المركزي إلى تعويم العملة مجددا، وهذا موضوع خطير جدا”.
وأثار ارتفاع الدولار ردود فعل غاضبة من السياسيين والمواطنين، كما تسبب بوقف الحركة التجارية في الأسواق الرئيسة في بغداد وهي الشورجة وجميلة، المختصتان ببيع المواد بالجملة.
وحثت العديد من المطالبات باستجواب محافظ البنك المركزي مصطفى مخيف في البرلمان، لاسيما وأن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني أكد بعد توليه منصبه بأيام بأن القضية بيد البنك المركزي حصرا ولا دخل للحكومة بها.
ويشبّه الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، خلال حديث صحفي تابعه المسرى ، ما يتم اتخاذه من قرارات بـ”تخدير شخص مريض يحتاج لعملية حتى تحين وفاته”.
وينتقد الكناني “عملية فتح منافذ لبعض المصارف من أجل منح 5 آلاف دولار للمسافر، وهو مبلغ فائض وكبير لمواطن يذهب في سفرة بسيطة، وبالتالي فإن هذه المبالغ بكل تأكيد ستجمع من قبل محتالين محترفين بالتلاعب بالدولار والتهريب”.
يشار إلى أن ممثل الخزانة الأمريكية، اجتمع أواخر العام الماضي، مع ممثلي 35 مصرفا أهليا عراقيا، لتحذيرهم من قضايا تهريب الدولار من العراق والالتزام بالتعليمات في ما يخص حوالات العملة الصعبة لغرض الاستيراد، متوعدا إياهم بصدور عقوبات في حال عدم الالتزام، وقد عقد الاجتماع بغياب البنك المركزي العراقي.