الكاتب .. علاء الخطيب
انتشار الجهل والفساد في مجتمعنا العراقي يدعونا للبحث عن اسباب تفشي الجهل وتوغل الفساد ، وفي الوقت ذاته يوجب علينا السعي لايجاد عقاقير ضد هاتين الآفتين.
الفساد والجهل جعل من هذا الوطن مزرعة للقتل ومعين لا ينضب من الفاسدين .
وكثر المدَّعين بالوطنية والدين ، كما ازدادت اعداد المتثيقفين ، أصبح الاعلام ومواقع التواصل حلبة للصراع ومساحة مفتوحة للقيء النتن .
تقاتلنا على السماء ففقدنا الارض . وتقاتلنا على المصالح ففقدنا الوطن
تعالت اصوات الثرثارين ، وحصلوا على مناصب وامتيازات لانهم الاعلى صوتاً والاكثر بذاءةً .يقول الشاعر المكسيكي البرتو بلانكو : ” الببغاوات كالناس ، ايهما يتكلم اكثر ، يكون أفضل ويكون لها اقفاص خاصة” وهذا ما جعل الجهلة يثرثرون كالببغاوات ويرددون ترهات التاريخ ويستنفرون احقاده ، ليكون البعض من المساكين ثمار يانعة للقطف ، لينعم الفاسد بقفصه الخاص وعيشه الرغيد .اذاً علينا ان نتناول حبة ضد الجهل للتخلص من ثرثرة الجهلة !!!
سبب تفشي الجهل هو انحدار رصانة التعليم على كل المستويات، فالتعليم ليس القراءة والكتابة ، ولا التحدث بلغة اجنبية ، او معرفة معادلات رياضية، بل هو منظومة قيمية واخلاقية متكاملة. فحينما يتخرج الطالب من الجامعة او المعهد فانه من المفترض ان يحمل اخلاقيات المؤسسة التعليمة التي تخرج منها ، فاخلاقيات التعليم هو تفكير منهجي يتعلق بالسلوكيات ، وهي معايير قياسية للسلوك الحضاري للمتعلم
فالطبيب مثلاً ، يتعلم الى جانب الطب ، اخلاقيات المهنة ، باعتبارها مهمة انسانية ، و المقصود بسلوكيات المهنة هي القواعد والمثل التي تعكس ماهية المهنة التي يمارسها الانسان. «فالعمل المهني» له مفهوم أوسع من مفهوم الأداء الوظيفي، فهو يتطلب قيام الإنسان بأداء التزامات معينة تجاه المجتمع ، وهكذا بقية الوظائف والمهن . الوظيفة بلا اخلاق تعني تحول الانسان الى آلة او روبوت ، وتغيب العواطف والانسانية والتواصل بيننا وبين الاخر ، لذا اي مهنة تتدنى فيها الاخلاق هي مهنة حيوانية ، مهما ارتفع قدرها.
السياسة بلا اخلاق ، هي سياسة تتسم بالفساد والسرقة وموت الضمير .لذا من يريد ان يصحح مسيرة مجتمعه ووطنه عليه ان يأخذ حبة ضد الفساد .
وهذا العقار لا يمكن تناوله الا بالوعي الانساني ، فالشعوب الواعية والتي تتناول حبوب ضد الفساد هي الشعوب التي تقرأ وتعرف حب الوطن بالعمل وليس بالشعارات ، و التي لا تقبل بالفاسدين و شذاذ الافاق ان يتسَّيدوا المشهد .وهنا لا اقصد السياسيين فحسب بل على جميع المستويات .ما نراه من رثاثة في الاعلام والطب والتعليم والعمل الاداري الحكومي ونظام السير والخدمات البلدية ، مرده الى الجهل والفساد .
الفساد لا ينمو الا مع الجهل ، وحينما نرى عدد المطبلين يزداد ويتكاثر الثرثارين ، معنى ذلك ان هناك ارتفاع في نسبة الجهل في المجتمع ، فكلما ازداد الجهل انتعش الفساد . هذه المعادلة الطردية لا يمكن ان نتخلص بحلول ترقيعية ، وانما بعمل جاد وعقاقير حقيقية فعال .وعلينا ان نتناول حبة ضد الجهل وحبة ضد الفساد .علاج بسيط لكنه يحتاج الى وعي بفعاليته.
نقلا عن صحيفة الدستور ..