أكد الخبير الاقتصادي الدكتور مهمين الزاملي عدم إمتلاك العراق لرؤية اقتصادية، مشددا على ضرورة إبعاد الموازنة والاقتصاد عن الخلافات السياسية.
وقال الدكتور مهمين الزاملي خلال مشاركته في برنامج شؤون عراقية والذي يبث على شاشة قناة المسرى، إن الاقتصاد العراقي اقتصاد احادي الجانب ويصنف العراق ضمن اقتصادات العالم على أنه بلد المليارات الضائعة، فلدينا جميع مقومات الدولة الاقتصادية، لكن مع ذلك لدينا جميع مقومات الازمة الاقتصادية، ومهما كانت الموازنات انفجارية فإن المواطن غير مستفيد من ذلك.
مهيمن الزاملي: العراق يفتقد للرؤية الاقتصادية
وأضاف الدكتور الزاملي بأن العراق مصنف ضمن الدول التي إستفادت من الأزمة الروسية الأوكرانية فهي أدت إلى تغيرات عالمية مثل الزيادة في اسعار النفط والمواد الغذائية وهناك دول كثيرة تضررت من ذلك لكن العراق كان من الدول النفطية التي إستفادت من هذه الأزمة، لكن مع الأسف الحكومة الاتحادية لا تستغل هذه الفرصة.
ولفت الدكتور الزاملي أن العراق الذي إستفاد من الازمة الاوكرانية هو عراق المسؤول وليس عراق المواطن، فالمواطن لا يستفيد في جميع الأحوال، والأزمة أدت إلى وجود وفرة مالية من ارتفاع اسعار الطاقة لكن لدينا لا يتم إستغلال ذلك بشكل صحيح، لافتا إلى أن واردات النفط العراقي خلال الشهر الأخير من العام المنصرم كانت بحدود 7 مليار دولار وهذا المبلغ يعادل ميزانية الكثير من الدول، مشددا على أننا نعاني من سوء إدارة تفتقد للخبرات الكافية.
مهيمن الزاملي: يجب إبعاد الموازنة عن الخلافات السياسية
وأضاف الدكتور الزاملي أن تراجع الاقتصاد العراقي أحد أسبابه عدم كفاءة بعض الحكومات المحلية، موضحا أن التقصبر الأكبر من قبل الحكومة الاتحادية التي تدير جميع الحكومات المحلية، لكن هذا لا ينفي أن هناك مسؤولية على الحكومات المحلية، فلو عملت في مجال صلاحياتها لساهم ذلك في تحسن الاوضاع الاقتصادية في البلاد.
واشار الدكتور الزاملي إلى أن أي حكومة اتحادية جديدة حينما تأتي تنظر إلى الإدارة نظرة سياسية وليس اقتصادية، وهذا غير صحيح، لافتا إلى أن رئيس الوزراء الجديد محمد شياع السوداني حصل على تأييد شعبي كبير على أنه رجل اقتصاد وليس سياسة لكنه لحد الآن لم يقدم برنامجا اقتصاديا واضحا، مشددا على أن الاقتصاد هو القوة الناعمة للأمن والاستقرار والادارة الاقتصادية أهم بكثير من الادارة السياسية.
وإنتقد الدكتور الزاملي شغل اشخاص حزبيين لمناصب اقتصادية بعيدا عن الكفاءة، مشددا على أن المناصب الفنية الاقتصادية يجب أن يشغلها من فيهم كفاءة اقتصادية، مؤكدا أنه إن إستمرت الحكومة بهذه العقلية فلن يحقق الاقتصاد العراقي أي نمو، لافتا إلى أن الاقتصاد العراقي لا يتواجد في مؤشر النمو للاقتصادات في العالم.
ولفت الدكتور الزاملي إلى أنه لا توجد رؤية اقتصادية في العراق، مشيرا إلى أن دول العالم تستعد لمرحلة ما بعد الاعتماد على الطاقة في 2030 لكن الحكومة الاتحادية لا توجد لديها أي خطة بشأن ذلك، ولا تمتلك استثمارات خارجية مثل دول الخليج، ولايزال ما نسبته 95% من الاقتصاد العراقي قائم على النفط والحكومة أهملت الكثير من مجالات الاقتصاد الأخرى.
ودعا الدكتور الزاملي إلى بدء الصناعات البتروكيماوية، مؤكدا أن أي دولة نفطية يجب أن تكون لديها هذه الصناعات لأهميتها ولا أن يكتفي العراق ببيع النفط خاما، لافتا إلى أن مدينة ينبع السعودية باتت الأولى في الصناعات البتروكيماوية على مستوى العالم وهذا يزيد ايراد برميل النفط إلى 3 أضعاف إيراده الخام.
مهيمن الزاملي: حكومة السوداني لن تستطيع إعادة سعر الدولار
وتابع الدكتور الزاملي أنه يجب أن تكون هناك صناعة وطنية لكافة المجالات المطلوبة، لافتا إلى أن باستطاعة العراق أن يكون مقرا رئيسيا للاتصالات والانترنت في المنطقة بأكملها لطبيعة مكانه الجغرافي بين آسيا وأوروبا، ومثل هذا المشروع سيدر على العراق مليارات الدولارات سنويا، معربا عن الأسف لإهمال الكثير من المشاريع الاستراتيجية التي ستغير شكل العراق لو نفذت.
واشار الدكتور الزاملي إلى أن الفساد المالي والاداري عطل الدولة العراقية بأكملها، إضافة إلى عدم كفاءة بعض من يشغلون المناصب الاستشارية والادارية، فضلا عن الارادة السياسية التي تعيق عمل رئيس الوزراء، حيث لا توجد جدية من قبل قادة الاحزاب لتفعيل الاقتصاد والصناعة العراقية، لافتا إلى وجود 8 آلاف مصنع معطل في العراق وإن تم إعادة تأهيلها فيمكن إستيعاب معظم البطالة الموجودة في البلاد، فضلا عن انتاج ما يحتاجه السوق العراقي من مواد غذائية واستهلاكية.
وعن ارتفاع سعر الدولار في الأسواق العراقية، أوضح الدكتور الزاملي أن السبب الرئيس في هذا الارتفاع هو عدم المحافظة على العملة الصعبة في العراق، فالعملة تستخدم في الاستيراد وان كانت هناك صناعة وطنية فسيتم المحافظة على الدولار داخل العراق، لافتا إلى أن بلد مثل الصين قامت بمثل هكذا خطوة لزيادة الطلب على الانتاج الوطني، لكن حكومة تصريف الأعمال التي كان يرأسها مصطفى الكاظمي قامت بهذه الخطوة الخاطئة لتوفير السيولة وصرف الرواتب.
وشدد الدكتور الزاملي على أنه لن يكون بمقدور حكومة السوداني إعادة سعر الدولار إلى السابق فهذا الأمر صعب جدا، لافتا إلى أنه حتى لو إستقر سعر العملة فإن أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية التي ارتفعت لن تنخفض لأن هناك جشع من التجار وضعف في الاجراءات الرقابية من الحكومة، موضحا أنه حتى لو تم إعادة سعر الدولار فإن أسعار المواد الغذائية بحاجة إلى نحو عامين لتنخفض، لافتا إلى أن توفير مفردات البطاقة التموينية بشكل كامل سيساعد في إعادة الاسعار لكن الأهم أن تكون هناك إجراءات رقابية على السوق من قبل الحكومة.
ويرى الدكتور الزاملي أنه لا يوجد مبرر لتأخر إقرار الموازنة، وهو دليل على سوء الادارة، لافتا إلى ان المواطن يخسر بتأخر الموازنة، داعيا الجميع إلى مناقشة قانون الموازنة وإقراره بأسرع وقت، لأن تأخر الموازنة يعطل عمل الحكومة وتنفيذ منهاجها الوزاري.
واشار الدكتور الزاملي أن الموازنة باتت جزءا من الخلافات السياسية وتخضع للصفقات بين القوى السياسية، فالخلافات السياسية دخلت في كافة المجالات وعلى رأس الاقتصاد والموازنة، داعيا إلى إبعاد الموازنة عن الخلافات السياسية.
ودعا الدكتور الزاملي إلى معالجة أزمة السكن، والبطالة وتفعيل القطاع الخاص لتنشيط الاقتصاد العراقي، مشددا على أن البيئة خصبة لاستقطاب الاستثمار الوطني والاجنبي لكن العقلية التي الحكومية التي تدير الاقتصاد لا تجذب المستثمر لا الوطني ولا الأجنبي.