تتوالى التحليلات والتوقعات من مراكز الأبحاث الجيوليوجية والأرصاد الجوية بشأن تكرار هزات أرضية في المستقبل القريب في منطقة الشرق الأوسط، عقب الزلزال المدمر الذي ضرب محافظة كهرمان مرعش جنوبي تركيا بقوة 7.9 درجة على مقياس ريختر ، فجر الإثنين، حيث وصلت ارتداداته إلى أكثر من ألف كلم من بؤرته في تركيا.
وسقط أكثر من خمسة الآف قتيل وأكثر من 25 ألف جريح ولاتزال أعداد الضحايا مرشحة للارتفاع في ظل وجود الآف تحت الأنقاض لغاية الآن، كما أن أكثر من 7 الآف بناية انهارت أو تصدّعت بشكل كبير جراء الزلزال المرعب لسكان المنطقة.
وأصاب الزلزال ولايات غازي عنتاب وأضنة وملاطيا وديار بكر وشانلي أورفا وعثمانية، حيث أظهرت مقاطع مصورة السكان وهم يهرعون إلى الشوارع وسط أجواء باردة بسبب الثلوج التي تساقطت في الأيام الماضية.
أما في سوريا، فقد ضرب الزلزال محافظات حلب وإدلب واللاذقية وحماة، وشعر بتبعاته سكان كل من لبنان والأراضي الفلسطينية واليونان وقبرص وأرمينيا وجورجيا والعراق وبعض المناطق في مصر.
خبراء يتوقعون حدوث زلازل أعنف
الخبير الجيولوجي، د. يحيى القزاز، يشرح في حديث متلفز لقنوات دولية تابعه المسرى أسباب هذا الزلزال، وتوقعات تكراره في دول المنطقة، وما يلزم اتخاذه للحد من خسائر الزلزال القادمة، قائلا؛ إنه عندما يتقابل اللوحان تحدث الزلازل والهزات الأرضية؛ حيث تتحرك قارة إفريقيا في اتجاه جنوب غرب أوروبا وجزء من آسيا، وأن الزلزال الأخير يعكس توقعات بتكراره خلال الفترة المقبلة في منطقة الشرق الأوسط؛ نتيجة استمرار تحرك وانزلاق القشرة الأرضية في شمال إفريقيا نحو جنوب غرب أوروبا وجزء من آسيا، مضيفا أن التحرك يجعل جزءا من القشرة الأرضية الخارجة من قارة إفريقيا تصطدم بجزء من قارة أوروبا وهو ما يطلق عليه عملية “الاندساس”.
وأشار الخبير الجيوليوجي إلى أن تركيا تقع بين لوحين متصادمين هو لوح شمال إفريقيا ولوح منطقة أوراسيا، وأن تركيا والمغرب والجزائر أكثر عرضة للزلازل، وهو أمر متوقع مثل الدول الواقعة على حزام جبال الهيمالايا.
كما أوضح أن كثرة الزلازل في المنطقة دليل على عملية الاندساس وانزلاق القشرة الأرضية، لاسيما وأن قوة الزلزال تتناسب طرديا مع قوة عملية الاندساس التي تتم، وكلما كانت عنيفة كان الزلزال أقوى، لذلك أن قوة الزلزال تسببت في حدوث موجات زلزالية وصلت للبلاد المجاورة وخاصة سوريا، متوقعا، تكرار الزلازل في هذه المنطقة الجغرافية بشكل دوري؛ لأنها ضمن حزام زلزالي.
وبحسب مراكز الأبحاث الأميركية فأن الزلازل والهزات الأرضية لا تعد ظواهر نادرة الحدوث في تركيا، حيث تشير أرقام هيئة إدارة الكوارث والطوارئ في البلاد إلى وقوع أكثر من 33 ألف زلزال في عام 2020 وحده، بينها 322 زلزالا بقوة تزيد على 4 درجات على مقياس ريختر، لكن اللافت هذه المرّة هو وصوله بدرجات أقوى باتجاه سوريا المجاورة، وما قد يعنيه هذا في المستقبل من علاقته بالدول الأخرى المحيطة.
في الثالث من فبراير الجاري توقع باحث هولندي يُدعى فرانك هوجربيتس أن زلزالا قوته 7.5 درجات سيضرب تركيا، وتحققت تنبؤاته بعد ثلاثة أيام فقط.
كتب هوجربيتس، وهو باحث في معهد لهندسة النظام الشمسي يراقب الأجرام السماوية للتنبؤ بالنشاط الزلزالي، عشرات التغريدات السابقة التي تتنبأ بحدوث الزلازل في مناطق معينة، إلا أن معظم تلك التنبؤات فشلت، إذ لم تحدث الزلازل التي تنبأ بها على الإطلاق.
أسباب الزلزال
ويقول علماء الجيولوجيا إن القشرة الخارجية للأرض تتكون من ألواح صخرية متحركة تسمى الصفائح، ويمكن أن تتحرك هذه الصفائح فوق الطبقة الداخلية الصخرية الأكثر مرونة تحتها، والتي تسمى عباءة الأرض، وتقع فوق المادة المنصهرة من نواة الأرض.
يعتقد أن هناك 9 صفائح رئيسية، وتوجد على طول حدود هذه الصفائح العديد من خطوط الصدع، وتحدث معظم زلازل الكوكب بالقرب من تلك الصدوع، وفي بعض الأحيان تصطدم هذه الصفائح التكتونية بعضها ببعض أثناء الانزلاق على المادة المنصهرة.
وحين يحدث ذلك الانزلاق تتعطل الحواف الخشنة لهذه الصفائح، بينما تستمر بقية الصفيحة في التحرك لتخزن الطاقة على طول حدود الصفيحة في هذه العملية.
وبمجرد أن يتحرك الجزء الداخلي من الصفيحة بدرجة كافية لإجبار الحواف على التغلب على الاحتكاك الذي يربطها بعضها ببعض حتى تصبح غير عالقة، فإن هذه الطاقة المخزنة تظهر في شكل تموجات عبر سطح الأرض الصخري.
تهز هذه الموجات الأرض وهي تتحرك، ما يؤدي إلى وقوع الزلزال. وهذه هي النظرية التي يتفق معظم العلماء حولها بشأن طريقة تكوّن الزلازل.
تقول هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إنها لا تتنبأ، ولا أي من العلماء الآخرين، بحدوث زلزال كبير، كما تؤكد أنها لا تعرف ولا تتوقع أن تعرف في المستقبل المنظور” أي طريقة للتنبؤ بالزلازل.
مقياس ريختر
في كل مرة تقع هزة أرضية أو يضرب زلزال منطقة من العالم تعلن مراكز الرصد وإدارات الطوارئ والكوارث قوة الزلزال، غالبا ما يكون المقياس المستعمل هو ريختر
“ريختر” نظام رقمي يسجل شدة الهزات الأرضية يعد أحد أدق مقاييس الزلازل في العالم وأكثرها كفاءة وانتشارا
وينسب مقياس “ريختر” إلى العالم الأميركي تشارليز فرانسيس ريختر (1900-1985) من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، الذي اخترعه عام 1935 وطوره من خلال الأنماط التي اكتشفها من دراسته لأكثر من 200 زلزال سنوياً، وأجرى عليه تطويرات وتحديثات عدة في ما بعد، حيث تم تحديد عشر درجات لتبدأ الدرجات من الأولى إلى أربع درجات خارجة عن الشعور به غالبا أما من الدرجة الرابعة إلى الخامسة فتنصف الهزات بالخفيفة ومن الخامسة إلى السادسة توصف بمستوط القوة ومن السادسة إلى السابعة فيعد الزلزال بالشدة ومن السابعة إلى الثامنة تعد الزلازل بالتدميرية من الدرجة الثامنة إلى مادون العاشرة تصف الزلزال بالعظيم حيث تؤدي إلى محو أجزاء ومناطق بأكملها من على الخارطة .