الكاتب / باسل عباس خضير
استبشر الناس خيرا بالقرار المتعلق بتغيير سعر الصرف ليكون 1320 دينار لكل دولار اعتبارا من 7 شباط 2023 ، واعتبره البعض ايفاءا بجزء من العهد الذي تم قطعه برفع الحيف على محدودي الدخل والنسبة الكبيرة من الشعب ممن تضرروا من قرار ( الصدمة ) الذي اتخذته حكومة ألكاظمي بتغيير سعر الصرف من 1128 إلى 1470 دينار ، وذلك القرار اقل ما يقال عنه بأنه كان مستعجل وفيه قدر من الأنانية ولم يأخذ مصلحة اغلب المواطنين بنظر الاعتبار ، وتسبب بفوضى في أسعار السلع والخدمات استغلها المتحكمون والمحتكرون ليرتفع بعضها لنسبة 100% رغم إن تغيير سعر الصرف كان بحدود 23% ، ولم يحقق ذلك القرار غير مصلحة الخزينة العامة التي ازدادت إيراداتها من مبيعات النفط وفروق أسعار الصرف وبذلك انتفخت الاحتياطات وأصيب الكثير من الشعب بالهزال كما استفاد من ذلك القرار ماسكو الدولار من خزنته والمتاجرون فيه ، والحكومة لم تقابل الكشخة والنفخة باحتياطياتها الكبيرة بانجازات تذكر في مختلف المجالات ، ومما زاد الطين بلة عجز الحكومة عن إعداد موازنة 2022 وقصورها في اتخاذ قرارات مهمة في التشغيل والاستثمار لأنها أدركت في الأخير أنها لتصريف الأعمال ، وبعد طول انتظار والعيش في حالة من الفقر والقلق والحرمان لنسبة مهمة من المواطنين ، استدركت حكومة السوداني الأمر وعملت على تعديل سعر صرف للدولار للسعر المعلن حاليا والذي لايزال حبرا على ورق رغم نفاذه منذ أيام ، فالسعر السائد حاليا في مكاتب وشركات الصيرفة بالعلن والخفاء يتراوح بين 1470 – 1500 دينار ، وباعة السلع في الجملة والمفرد لم يخفضوا الأسعار حتى ولو بمقدار الدينار ولا يزال بعضهم يعتمد الحد الأعلى لأسعار الصرف البالغة 1600 دينار او أكثر ، وحجتهم في ذلك إن أسعار الدولار لم تستقر بعد وان التصريف بحالة تذبذب ولم يقترب من السعر الرسمي قط .
ويؤشر الوضع الحالي في الأسواق حالة من السخرية والاستهجان يبديها المواطن البسيط بسبب الارتفاع العالي في أسعار السلع وبشكل يشير إلى إن هناك من لديه إصرار او تعمد في أذية الناس وتعريضهم للحرمان ، فالمواطن يسأل لماذا ارتفعت أسعار السلع بلحظة ارتفاع أسعار الصرف لأكثر من سعرها السابق ( 1470 ) دينار في حين إنها لم تنخفض ولا تزال تحافظ على مستوياتها السابقة بعيدا عن السعر الجديد 1320 دينار ، وان ما يثير المشاعر هي الفترة بين الارتفاع الطاريء والتعديل فلم تزيد عن شهرين وهي غير كافية للاستيراد والتعويض ، بمعنى إن المستورد ( وهو أكثر ما يغطي الأسواق ) كان بالسعر القديم 1470 والسعر السائد حاليا ( خارج التسعيرة ) هو بحدود 1470 أيضا فلماذا لا تعود الأسعار لسابق مستوياتها كمرحلة تدريجية لانخفاضها بما يوافق السعر الجديد 1320؟! ، وتفسير ذلك يفهمه الكثير وهو إن مساحات واسعة من الأسواق يتم الاستحواذ عليها والتحكم بها من قبل أفراد وشركات يتبعون قاعدة ( السعر العالي يبقى بحدوده والفروق تذهب للجيوب ) ، وهي قاعدة يجب محاربتها ومكافحتها لا من خلال الجولات التفتيشية والقبض على البعض فحسب وإنما من خلال خلق المنافسة في الأسواق ، وهي فجوة توسعت مساحاتها بعد أن غابت ادوار وزارة التجارة وأسواقها المركزية رغم ما تتمتع به من إمكانيات ، والتجارة في تجربتها المحدودة الأخيرة التي قامت من خلالها بالبيع المباشر في الأسواق ( رغم الملاحظات عنها ) حققت بعض الأثر في خفض أسعار البيض والدجاج مما يثبت إن دخولها يمكن أن يحدث الأثر والتأثير ليس بهدف الاستحواذ وإنما لخلق المنافسة وإيجاد البديل عند الضرورات ، والدولة مطالبة بالتدخل الايجابي والفعال في المحافظة على سمعة قراراتها وهيبتها من خلال اتخاذ ما هو مناسب لجعل سعر التصريف 1320 دينار ، ولا نريد أن نعطي أمثلة ومقترحات فهذا من شان الحكومة بما تمتلكه من أجهزة تنفيذية ومستشارين وجيوش مليونية من الموظفين ، فالمواطن يبحث عن النتيجة والعيش بكرامة ويسر بمعزل عن التفاصيل .
نقلا عن وكالة المعلومة