سوران علي / صحفي من كوردستان العراق
هناك قضايا أهم بكثر من محتوى الاستطلاع الذي أجراه مركز غير معروف على الإطلاق تهم المواطن الكوردي في الإقليم كالرواتب وعدم حصوله على النسبة كافية من الوقود والخدمات وغلاء الأسعار بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار أو خلق مشاكل في نقل المحاصيل الزراعية من وإلى الإقليم، لم لم تتحمل الصباح عناء تناولها وإيصال المطالب المتكررة لمعالجتها إلى أصحاب القرار والشارع العراقي؟
توقيت النشر المتزامن مع عودة الدفء إلى العلاقات المتشنجة بين الإقليم والمركز منذ أعوام وتبادل الزيارات والحورات بينهما وقرب الانفراج في معضلات المادة 140 وقانون النفط والغاز والموازنة ومستحقات البيشمركة، يثير تساؤلات جدية عمن يديرون الإعلام الحكومي العراقي ومن يتحكمون فيه وعن كيفية استغلال هذه الوسيلة لأغراض مبيتة.
تبرؤ الحكومة من المنشور ومحتواه وعده مخالفا للموقف الرسمي وغير ممثل لوجهة نظر حكومية أو رسمية إطلاقا، خطوة صحيحة ينقصها اتخاذ إجراءات حازمة حتى لا تصبح وسائل الإعلام الرسمية أداة لخلق نعرات قومية أو فتن لا تحمد عواقبها.
على الرغم من رفض شبكة الإعلام العراقي التي تصدر الجريدة الموضوع المنشور جملة وتفصيلا وفتحها تحقيقا عاجلا في الأمر ثم تأكيدها على الخطاب الرسمي للدولة والملتزم بالدستور، يأتي رئيس التحرير وبدل تقديم الاعتذار عن هذه الهفوة التي وقع فيها والخطأ الكبير الذي ارتكبه أو الاعتراف بخطورة ما نشره، يسوق حججا واهية ومببررات ضعيفة لما بدر محاولا إيجاد مخرج لورطته وينم ذلك عن إصرار وتعنت يوحي بوجود إنَّ في الأمر.
إن التسليم بوقوع الصباح في خطأ وتقديم اعتذار رسمي ربما سيكون كفيلا بوأد الفتنة في مهدها وإصلاح ما أفسده تعامل الجريدة غير المسؤول مع قضية تخص ثاني أكبر مكون في البلاد وحقه المكفول بالدستور، فبقاء الجدل الحاصل ينمي روح العداوة ورفض الآخر ويعود بنا إلى سنوات مضت حين كان النفور ولي الأذرع سيد الموقف مما أحيى نفَس المعاداة والإنكار.
هذا الحدث أكد أيضا الضرورة الملحة لإعادة نظر جذرية في نهج الإعلام العراقي بشكل عام والرسمي الحكومي على وجه الخصوص إدارة ونهجا وسياسة صحفية وأهدافا وأسلوبا، إذ لا بد له أن يكون مرآة عاكسة للسياسة الحكومية المتبعة ولا يلعب بنار تأتي على الأخضر واليابس.
نقلا عن موقع إيلاف