المسرى .. متابعات
اعداد : وفاء غانم
مع انتهاء فصل الشتاء واقتراب الصيف يواصل الجفاف الفتك بنهري دجلة والفرات والمساحات المائية الأخرى في البلاد، رغم الأمطار الوفيرة التي لم تستغل من قبل الجهات المعنية لتعزيز المخزون المائي، والميزانيات الانفجارية التي خصصت لهذا الغرض.
وكانت وزارة الموارد المائية وفي بيان لها، حددت مصير مياه الأمطار والسيول التي اجتاحت البلاد خلال الشتاء الذي بات يلفظ أنفسه الأخيرة ، فيما أشارت إلى أن نتائج تلك الأمطار والسيول ستحسن وضع الخزين المائي، و ستخفف الضغط على الاستهلاكات والمياه السطحية ، الأمر الذي سيعطي الوزارة المرونة بتطبيق خططها للإطلاقات المائية للمحافظة على الخزين المائي لتأمين جميع الاحتياجات ولجميع المحافظات، وخاصة في محافظات الأنبار وبابل والنجف الأشرف والمثنى لغرض تعزيز الإطلاقات المائية في نهر الفرات باتجاه أهوار الحمار والأهوار الوسطى التي عانت من الشح خلال الفترة الماضية.
في المقابل أكدت وزارة الزراعة في يناير2023 أن الخطة الزراعية للموسم الشتوي أقرت في وقت حرج، بينما أشارت إلى أن موسم الأمطار الحالي كان له مردود إيجابي على جوانب متعددة، فيما أعربت عن أملها في استمرار زيادة الخزين المائي بالشكل الذي سينعكس إيجابا على خطة الزراعة للموسـم الصيفـي المقبـل، مشيرة أن البلد يحتوي على خزين هائل من المياه الجوفية.
يأتي هذا في وقت يتوقع فيه “مؤشر الإجهاد المائي” فإن العراق سيكون أرضا بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن يصل النهران العظيمان إلى المصب النهائي في الخليج العربي، ويضيف المؤشر أنه في عام 2025 ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جدا في عموم البلاد مع جفاف شبه كلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول نهر دجلة إلى مجرى مائي محدود الموارد.
مياه تهدر وأخرى تتبخر
في نوفمبر 2022، حذر مرصد “العراق الأخضر” المهتم بشؤون البيئة في بيان له ، من طرق تصريف مياه الأمطار في العراق، وأن نحو 75% من تلك المياه تهدر في الشوارع والطرق وتذهب مع مياه المجاري دون فائدة، أو تكون مستنقعات وتجمعات مائية وتتبخر، بسبب فقدان المشاريع المائية والبيئية.
ويهدد الجفاف 42 مليون مواطن تقريبا معظمهم يعتمدون على الزراعة كمصدررئيس للمعيشة اليومية، بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية التي لا تعد ولا تحصى.
من جانبه شدد رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، الى ضرورة الإهتمام بالموارد المائية في العراق والحفاظ عليها ،عبر إجراءات جادة وفاعلة خصوصا وأن البلاد يعد من الدول الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية والجفاف والتصحر.
وترأس، رشيد بحسب مكتبه الاعلامي في 26-02-2023 في قصربغداد، اجتماعاً موسّعاً كُرس حول ملف المياه في البلد، وذلك بحضور كلّ من وزير الموارد المائية عون ذياب عبدالله، والسفير الهولندي لدى العراق يوهانيس لينديرت ساندي، وممثل عن البنك الدولي، ومدير مكتب البنك الدولي في بغداد محمد العاني، جرى خلاله مناقشات مستفيضة بين الحضور تمحورت حول معالجة شح المياه واستخدام الطرق والوسائل الحديثة في الري ودعم الجهود لتعزيز حصة العراق المائية .
“لن نقبل ان يعطش العراق”..نواب يهددون
الى ذلك هدد النائب عن إئتلاف دولة القانون، حسين نعمة البطاط ، بقطع العلاقات مع تركيا، ردا على عدم إحترام حصص العراق المائية.
البطاط وفي بيان تابعه المسرى قال ، إنه “لن نقبل أن يعطش العراق، وعلى تركيا أن تحترم حقوق الشعب العراقي في ملف المياه عبر زيادة الإطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات”.
وفي 2022 أطلق البنك المركزي، مبادرات تنموية تجاوزت 17 تريليون دينار، لمواجهة التصحر والتغير المناخي في البلاد .
كذلك في 26 شباط 2023، طالب مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة باجتماع عاجل لكامل اعضاء مجلس النواب عن المحافظة والحكومة المحلية بحضور وزير الموارد المائية بإتخاذ القرارات العاجلة الحقيقية للواقع الخطير لمياه الصيف المقبل .
اجراءات ولقاءات غير مجدية
جهود واجراءات ولقاءات تقوم بها الحكومة والوزارات والجهات المعنية بخصوص هذا الملف يراها مراقبون ومتخصصون غير مجدية ولاترقى بحجم المعضلة، فهي لم تفلح حتى في استغلال موارد المياه الطبيعية، أو بناء أي سد أو ناظم مائي، وكل ما هو موجود من سدود ونواظم بنيت في عقود ماقبل2003، ما تسبب في حدوث أزمات مائية متلاحقة مع تحكم دول المنبع (تركيا وإيران) بالمياه.
ويُصنّف العراق على أنَّه خامس دولة في العالم معرضة لخطر مواجهة أزمة غذاء وفقدان الوصول إلى المياه بسبب الانخفاض القياسي في مستويات المياه وارتفاع درجات الحرارة، ويُقدّر البنك الدولي أنَّ متوسط درجات الحرارة سيرتفع بمقدار درجتين مئويتين وسينخفض هطول الأمطار بنسبة 9% بحلول عام 2050. بحسب التقرير السادس لتوقعات البيئة العالمية (GEO-6) الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وقفات احتجاجية وتظاهرات يقوم بها الفلاحون وفي جميع المحافظات، في محاولة منهم للفت نظرالمعنيين الى معاناتهم التي تسببت بها التغييرات المناخية والجفاف، وإيجاد حلول جدية وناجعة لها.
وتسببت موجة الجفاف التي ضربت البلاد خلال السنوان الأخيرة بتراجع إنتاج المحاصيل الزراعية إلى أكثر من النصف نتيجة شح المياه، كما تسببت بهجرة مئات العوائل في الأهوار الجنوبية من مناطقها باتجاه المدن بحثا عن فرص للعمل بعد نفوق حيواناتها وتراجع محاصيلها.