المسرى…. تقرير: فؤاد عبد الله
تعتبر المنطقة العربية ولا سيما بلاد الرافدين من المناطق المعروفة عالميا بالبلدان أكثر حاجة للمياه الصالحة للشرب، والنادرة تأمينيها، حسب تقاريرالمنظمات الدولية المعنية بالمياه التابعة للامم المتحدة، إما بسبب سوء إدارتها وسط تحديات الزيادة السكانية والتغييرات المناخية والازمات الاقتصادية، أو بسبب أن معظم تلك المياه تاتي من خارج دول المصب ومنابعها تكون في دول أخرى، لذا تُسيس القضية وتصبح عامل ضغط على الدول التي هي بحاجة لتوفير الماء للشرب والزراعة.
تقليص 50% من مساحة الأراضي
حميد النايف المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة العراقية يقول:” يواجه العراق اليوم مشكلة في قلة المياه، وفي هذا السياق وضعت الحكومة خطة لتقليص 50% من مساحة الاراضي المخصصة للموسم الزراعي مقارنة بالعام الماضي، أي أعدت ما مساحته مليونين وخمسمئة الف دونم للزراعة، في حين كان العام الماضي اكثر من 5 ملايين دونم إروائياً”، مبينا ” أن الحكومة العراقية كانت بصدد اعداد خطة لتخيصص ما مساحته 6 ملايين دونم للزراعة لهذا العام، وفق المفاوضات التي كانت تجريها الحكومة مع الجانب التركي لإطلاق كميات اكثر من المياه الى نهري دجلة والفرات ولكن يبدو ان تلك المفاوضلت لم تثمر عن شيء”.
خطة زراعية متواضعة
وأضاف النايف لـ( المسرى)” أن قدرة وزارة الموارد المائية العراقية محدودة ،تكفي لإرواء لتلك المساحة فقط وهي خطة متواضعة جداً ولا تلبي طموحات الفلاحين والمزارعين، فيما يتعلق بالمساحات الإروائية، منوها” أنه إذا تساقطت الامطار وكانت نسبتها جيدة، فإن خطة الوزرارة للزراعة ستكون بحدود 12 مليون و600 الف دونم مابين الأراضي الإراوائية والديمية والمعتمدة على الآباروغيرها، أما إذا لم تتساقط الامطار بنسب جيدة فإن خطة وزارة الزراعة لهذا الموضوع ستكون تخصيص مليونين و800 دونم معتمدة على الآبار الإرتوازية، عدا المليونين وخمسمئة الف المعتمدة على الإرواء ووافقت عليها وزارة الموارد المائية”.
حرمان المحافظات من الزراعة الديمية
وأبدى المتحدث باسم وزارة الزرعة مخاوفه من أن يكون هذا العام جافاً مثل العام المنصرم،لأنه بالنتيجة ستحرم بعض المحافظات من الخطة الزراعية الديمية، وبخلافه ستكون لنا خطة رائدة للأراضي الديمية، وهو ما سيحقق عملية الاكتفاء الذاتي والامن الغذائي للعراق”.
العراق وأربعون عاما من أزمة المياه
ومن جهته قال خبير الموارد المائية والزراعية تحسين الموسوي لـ( المسرى) ” إن شحة المياه ليس بالأمر المفاجيء للمختصين والخبراء، لأنه مراراً وتكرارا وقبل أكثر من عقدين حذر العلماء من ظاهرة الاحتباس الحراري وزيادة الموارد البشرية كونهما يهددان الأمن المائي للبلدان، حيث أصبح الماء ازمة عالمية، وما يحدث في العراق فهو بسبب استغلال دول المنبع للمشاكل الداخلية والخارجية التي تعصف بالعراق”، لافتا “أن أزمة الماء في العراق ليست حديثة، وانما عمرها اكثر من 40 سنة، ولكن الأهمال الكبير بالموضوع إزداد بعد 2003 بسبب تعدد مصادر القرار وفقدان الأولوية، ناهيك عن استخدام الطرق الزراعية القديمة للإرواء من قبل الفلاحين، بمعنى إهدار نسبة 75% من تلك المياه، مقابل نسبة انتاج 30% فقط”.
العراق يدخل مرحلة التصحر الشديد
الموسوي أشار كذلك الى ” ان بحدود 60 الى 65% من سكان العراق يمتهنون الزراعة، فبالتاكيد ستكون هناك مشاكل مائية، لأن 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية يحتاج الى مليار متر مكعب من الماء للإرواء، والعراق الآن بدأ يدخل مرحلة التصحرالشديد، لذا يجب أستخدام البذور التي تتحمل نسبة الملوحة العالية، خاصة المحاصيل الاستراتيجية، إضافة الى استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة والإرواء وتشغيل وحدات معالجة المياه، دون نسيان أو التركيز على الجوانب الزراعية الاخرى النباتية والحيوانية والدواجن كبديل للزراعة مع عدم ترك حقوق الشعب العراقي لدى الدول المشتركة المياه واستخدام كل الطرق الدبلوماسية والقانونية الدولية لحل تلك الإشكالية مع دول المنبع”.
نهر دجلة فقدت 50% من مياهها
وأستطرد الموسوي “نفوس العراق بلغ اكثرمن 40 مليون نسمة، وقلة الإطلاقات المائية حسب الحصة المقررة له من توركيا أفقد نهر دجلة اكثر من 50% من مياهه، وهو أفضل من الفرات الذي فقد ثلثي مياهه، وقد يفقد اكثر من ذلك اذا لم تتحرك الحكومة العراقية لحل الملف الحساس والحيوي”، معرباً عن أسفة لإهمال وتباطؤ الحكومة -كل المشاركين فيها منذ العام 2003- لحل تلك الازمة، والفاعل السياسي العراقي عليه اليوم أن يتحمل المسؤولية ويعمل على الحفاظ على الإتفاقيات الموقعة بين الأطراف لضمان حصصه و إستحقاقاته المائية والحدودية”.