عمر الناصر*
سأل احد الصحفيين بيل غيتس عن الثروة والارباح التي يمتلكها فأجابه : تقصد نسبة ارباحي قبل هذا السؤال ام بعده !!؟؟
بعد ان وصلت الكثير من الدول الكبرى والمتحضرة إلى إيجاد آلية تستطيع من خلالها الاستفادة من النفايات لاجل انتاج الطاقة الكهربائية او استخدامها في التدفئة او الوقود الحيوي الايثانول E85 الذي يستخدم كوقود عضوي صديق للبيئة ولايترك مخلفات تسبب الامراض السرطانية والاوبئة بعد احتراقه ، لجأت السويد الى توقيع اتفاقية استيراد النفايات من إيطاليا والنرويج بعد أن نفذ لديها كل المخزون ولم تعد تستطع أن تسد الحاجة المحلية منه، اضطرها إلى هذه الخطوة الجريئة من أجل ايجاد البديل الذي يعوض النقص الحاصل في النفايات حتى وصلت الى بيئة نقية اصبحت مركز جذب للكثير من انظار العالم بل وصل الامر الى تعليب الهواء السويدي لبيعه للسواح لشدة نقاوته ، وإسطنبول التي كانت في ثمانينيات وتسعينات القرن الماضي من اقذر المدن اذ ارتفعت وتيرة النفايات التي تنتجها تركيا، منذ عام 1995 صعودا من 17 مليون طن سنويا، بينما بلغ الرقم في 2015 نحو 32 طناً، ومن المتوقع أن تزداد حتى 38 مليون طناً في 2023، حيث كانت سواحلها عبارة عن مكب للنفايات والقاذورات اصبحت اليوم كعبة للسواح بسبب حرص السياسيين هناك على أن يكون ملف النفايات هو من أولى الأولويات التي ينبغي أن تتصدر اهتمامات جميع الحكومات التركية السابقة واللاحقة.
أصبحت الطاقة اليوم في دول العالم المتقدم هي من اهم الامور التي تسعى لتطويرها لخلق طاقة نظيفة والذي تحتاجه في المجال الصناعي من اجل المحافظة على البيئة ولمنع انتشار الأمراض والاوبئة التي تفتك بالإنسان وجميع المخلوقات الاخرى على وجه المعمورة .
بل ان من أهم الخطوات الإستراتيجية التي تتبعها الحكومات في دول العالم المتحضر والتي تؤخذ بعين الاعتبار قبل أن تذهب إلى بناء مراكز تدوير هذه الثروة الغير المنظورة هو الموقع الجغرافي ومدى تأثير ذلك على الحياة الاجتماعية والاقتصادية الذي يعكس وجه الدولة على العالم الخارجي .
لم يلتفت صناع القرار والخبراء في شؤون البيئة لدينا أو حتى اؤلئك الموجودين في دول العالم الثالث بسبب تفشي الفساد وضعف استمرارية التواصل العلمي لمواكبة الدول الرائدة في مجال الطاقة لغرض اجراء مسح وتحديث مستمر على هذا المفصل بالتحديد على اعتبار ان التطور العلمي والتكنولوجي لايتوقف عند نقطة معينة ولان التنسيق والاداء لديهم يخضع دوماً الى نظرية المراقبة واعادة المراجعة وتقييم الاداء ومتابعة حقيقية لما تقوم به مراكز الأبحاث على اعتبارها تكتلك الريادة في هذه المجالات .
ان من أهم الخطوات التي ينبغي التركيز عليها عند بناء محطات تدوير النفايات عملية الاختيار الدقيقة للموقع الجغرافي وتأثيراته على الاماكن المحيطة به ، فمن المؤسف حقا أن نرى محطات تدوير النفايات في داخل العاصمة ولا أعرف كيف طرقت هذه الفكرة أذهان ذوي الاختصاص فينتابني الفضول لأسأل ياترى مالذي يمنعهم من بناء تلك المحطات خارج المدن لابقاء هواءنا نقي ونظيف يتمتع به اهلها والسائح عند زيارته لبغداد ؟ على الرغم من أن مثل هذا الموضوع يخضع لمبدأ نقل تجارب الدول المتقدمة الا ان العالم أصبح قرية صغيرة بل غرفة داخل منزل وبالإمكان اللجوء إلى الإنترنت لغرض المعرفة والاطلاع على جميع سير تجارب تلك الدول .
من المؤسف جدا أن نشعر برائحة الأوساخ والنفط واحتراق الغاز المصاحب له يملئ سماءنا وقد امتزجت فعليا مع رائحة العطور التي نضعها عند ذهابنا إلى التسوق او اللقاءات أو حتى عند ذهابنا في نزهة سياحية ، بل الادهى من ذلك لم تعد بغداد عاصمة جذب سياحية كما كانت في السابق وخصوصا في ظل العشوائية المتعمدة في تلويث مياه دجلة بمياه الصرف الصحي في ظل عدم وجود دراسة واقعية وتخطيط حقيقي واطلاع نوعي على ضرورة فصل المواد الكيمياوية عن مخلفات الطعام و بقية المواد البلاستيكية الأخرى ، بل الادهى من ذلك تحويل المساحات الخضراء إلى سكنية وعدم وجود وعي مجتمعي في ظل سياسة الاهمال المتعمدة وعدم اكتراث الحكومة وضعف الاجراءات والعقوبات الصارمة تجاه خرق قوانين الله والبيئة بسبب اللامبالاة المترسخة لدى اغلب شرائح المجتمع، لان موضوع فصل النفايات عن بعضها هي من أولى الخطوات التي ينبغي التركيز عليها في المرحلة القادمة لتجنب الكوارث البيئية التي بات انتشارها على المحك يسبب افتقار معايير وشروط السلامة الصحية والامان .
كاتب وباحث سياسي*