المسرى :
تقرير : وفاء غانم
“الشرطة المجتمعية ” هناك مواقع إلكترونية على الإنترنت تقوم بالترويج والتشجيع على “ثقافة” الانتحار
تسببت سوء الأوضاع الاقتصادية في العراق وعدم رؤية شريحة واسعة من العراقيين للضوء في نهاية النفق، إلى زيادة معدلات الانتحار مؤخرا ,فبين الحين والاخر تفجع عائلة بمثل هكذا حادثة , التي تبوب اسبابها في خانة العوز والفقر والاضطراب النفسي, واخرى للابتزاز الالكتروني الذي بدأ يطفو على السطح ليضفي على المشهد سوءا.
وتنذر جهات رقابية وحقوقية من ارتفاع معدلات الانتحار في العراق وتصاعد وتيرتها خشية أن تصبح ظاهرة اجتماعية, بشكل لايمكن تجاهله,منوهين الى ان العواقب ستكون وخيمة مستقبلا .
ويعاني العراق من عدم الاستقرار الأمني وأعمال عنف وحروب منذ عقود، وهو ما ترك آثارا نفسية على عدة أجيال في البلاد ، كما تعاني البلاد من الفقر والبطالة وسوء الخدمات العامة المقدمة من الدولة ، إذ تبلغ نسبة الفقر 31.7 بالمئة، والبطالة 27 بالمئة، بحسب إحصاءات وزارة التخطيط . فيما يحمل معنييون الحكومة ومؤسسات الدولة “الإثم الأكبر” لزيادة حالات الانتحار في البلاد.
عالميا
وفق الإحصاءات الرسمية العالمية يموت ما يقرب من 800 ألف شخص نتيجة الانتحار كل عام، ويقابل كل حالة موت أكثر من 20 محاولة انتحار، وهناك حالة وفاة واحدة تسجل كل ثانية على مستوى العالم بسبب الانتحار، ولعل جائحة كورونا وما رافقها من تداعيات على المستوى الاقتصادي والصحي زاد من وتيرة تصاعد الحالات عام 2020.
ويعتبر ابتلاع المبيدات، والشنق والأسلحة النارية من بين الأساليب الأكثر شيوعا للانتحار على مستوى العالم. وفي السياق كشف عضو مفوضية حقوق الانسان فاضل الغراوي في بيان في وقت سابق أن النصف الاول من عام 2021 شهد توثيق 87 حالة ومحاولة انتحار، منهم 47 من الذكور و27 من الاناث و13 من الاحداث.
الغراوي أشار إلى ان محافظة ذي قار سجلت اعلى معدلات بالانتحار بواقع 19 حالة تلتها محافظة بغداد بـ 18 حالة، وقال ” الاحصاءات وحالات الانتحار في العراق تظهر زيادة في أعداد الذكور المنتحرين بنسبة 57 بالمئة. مضيفا أن حالات الانتحار تنوعت ما بين الشنق والغرق والحرق وتناول السم والاطلاق الناري”.
وفق تلك الإحصائية فأن بغداد جاءت في المرتبة الاولى لأكثر المحافظات تسجيلا لحالات الانتحار بـ139 حالة، تلتها محافظة البصرة (جنوب) بـ86، ومحافظة ذي قار (جنوب) بـ80، ومحافظة نينوى (شمال) بـ69 حالة، فيما توزعت بقية الحالات على المحافظات الأخرى.
و للعام الخامس على التوالي يسجل العراق ازديادا في حالات الانتحار ؛ إذ سجلت البلاد وفاة 519 شخصاً بسبب الانتحار في 2018، و422 حالة في 2017، وفق أرقام المفوضية.
وتكشف الأرقام أن المحافظات الجنوبية هي الأكثر تسجيلا لهذه الحالات (محافظتا البصرة وذي قار الأعلى نسبة على مستوى العراق)، وتكشف أرقام السنوات الماضي عن صعود لهذه الظاهرة في محافظة نينوى ومركزها الموصل.
ولفت الغراوي في بيان الى أن “عدد حالات الانتحار في عموم العراق لعام 2020 بلغت (375) حالة، لكنه وبخلاف ما أعلنت عنه منظمة الصحة العالمية ، يشير إلى أن نسبة المنتحرين من الذكور هم الأعلى بواقع (168)، فيما كان العدد (153) من الإناث و(7) بين الأحداث.
وافاد مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب عطية في تصريح صحفي في وقت سابق ، بإحباط 12 محاولة انتحار في العراق، خلال الاشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 2021, لافتاً إلى أن “العام الماضي 2020 شهد 33 محاولة انتحار في مختلف المدن العراقية ، عازيا اسباب الارتفاع الى عدة أسباب، “منها الظروف الاقتصادية والاجتماعية والابتزاز الالكتروني ومشاكل مواقع التواصل الاجتماعي”.
ونوه عطية إلى “تلقي الشرطة المجتمعية مناشدات عديدة من أشخاص حاولوا الانتحار، حيث تم تقديم الدعم النفسي لهم، وزيارتهم، وإقناعهم بخطورة هذه الأفعال وضرورة إلغاء هذه النوايا”.
الحد منها
ويعد الوصول إلى الخدمات الصحية ومعرفة أسباب الانتحار من أهم الخطوات للتقليل من حالاته ومنع حدوثه في المستقبل.
في العراق لا توجد خدمة عامة للدعم النفسي او حتى خدمات لمساعدة المقبلين على الانتحار، كما إن الأعراف الاجتماعية ونقص الأطباء النفسيين تمثل مشكلة أخرى. بحسب الباحثين الاجتماعيين، وبهذا الخصوص ، أكد عطية أن “الشرطة المجتمعية تعمل مع باقي المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالموضوع، على اتخاذ إجراءات وممارسات كفيلة بالحد من ظاهرة الانتحار في البلاد”.
و طالب عدد من الخبراء والباحثين الاجتماعيين الحكومة العراقية بـ”اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وتوفير فرص العمل وتأمين الخدمات والعيش الكريم والسكن الملائم لدرء خطر الانتحار”.
مواقع الكترونية تشجع على الانتحار
وكشف مدير الشرطة المجتمعية عن دراسة أجرتها الشرطة المجتمعية تبين من خلالها أن هناك مواقع إلكترونية على الإنترنت تقوم بالترويج والتشجيع على “ثقافة” الانتحار.فيما يكشف مصدر أمني يعمل ضمن مراكز تسجيل حالات الانتحار، أن “الكثير من تلك الحوادث في أصلها جرائم غسل العار”.
وبحسب الاحصائيات، فإن العراقيين ينتحرون بأشكال مختلفة، لكن النساء هن الأكثر إقداما على الانتحار عبر حرق الجسد أو الشنق، بينما النسبة الأعلى بين الذكور للانتحار في الأماكن العامة، فيما الانتحار عبر استخدام الأسلحة النارية هو الأكثر انتشارا بين جميع الفئات، وذلك لفوضى انتشار السلاح في مختلف المناطق والبيئات.